سورة الأنعام - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأنعام)


        


{وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113)} [الأنعام: 6/ 111- 113].
روي عن ابن عباس في بيان سبب نزول الآيات: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتى جماعة من كفار مكة وزعمائها، فقالوا له: أرنا الملائكة يشهدون بأنك رسول اللّه، أو ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم: أحقّ ما تقول أم باطل، أو ائتنا بالله والملائكة قبيلا، فنزلت الآية.
أخبر اللّه عزّ وجلّ في هذه الآية الأولى: أنه لو أتى بجميع ما اقترحوه من إنزال الملائكة، وإحياء سلفهم حسبما كان من اقتراح بعضهم أن يحشر قصي بن كلاب وغيره، فيخبر بصدق محمد، أو يجمع كل شيء يعقل أن يحشر عليهم، ما آمنوا إلا بالمشيئة واللطف الذي يخلقه اللّه، ويخترعه في نفس من شاء.
لو أننا نزّلنا إليهم الملائكة، فرأوهم بأعينهم مرة بعد أخرى، وسمعوا شهادتهم لك بالرسالة، ولو كلمهم الموتى إذ أحييناهم، وأخبروهم بصدق ما جاء به النّبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم كما طلبوا، وجمعنا كل شيء من الآيات والدلائل معاينة ومواجهة، فيخبرونهم بصدق النّبي، لو حدث كل هذا، ما كان شأن هؤلاء القرشيين المكّيين أن يؤمنوا، وليس عندهم الاستعداد أن يصدّقوا لأنهم لا ينظرون في الآيات نظر تأمّل وهداية وعظة، وإنما ينظرون إليها نظر معاداة واستهزاء، إنهم لا يؤمنون إلا بمشيئة اللّه، على سبيل الاختيار، وليس الإيمان الاضطراري، ولكن أكثر هؤلاء المشركين يجهلون أن الإيمان إليهم والكفر بأيديهم، متى شاؤوا آمنوا، ومتى شاؤوا كفروا، وليس ذلك كما يظنّون، لا يؤمن أحد منهم إلا من هديته ووفقته للإيمان، ولا يكفر إلا من خذلته عن الرّشد فأضللته.
ومن أجل التّخفيف من اللّه على نبيّه ومواساته، أبان سبحانه أن سنّته في الخلق أن يكون للأنبياء عدوّ من الجنّ والإنس، لا ينفرد به نبيّنا، وإنما كان هذا أمرا عامّا امتحن به غيره من الأنبياء، ليبتلي اللّه أولي العزم منهم. وأعداء الأنبياء يلقي بعضهم إلى بعض القول المزيّن المزخرف الذي يخدع بعض السامعين، ويموّه عليهم الحقائق، ويغريهم بالمعاصي والأباطيل، {وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ} أي إن ذلك كله بقدر اللّه وقضائه وإرادته ومشيئته أن يكون لكل نبيّ عدوّ من الشياطين.
فدعهم أيها الرّسول النّبي وما يفترون أي يكذّبون، واتركهم يخوضون في إفكهم وكذبهم، ليغروا غيرهم بالفساد، ولتصغى إليه قلوب الكفار والفسّاق، فإنها تميل إلى الشّر والسّوء، وإنهم لا يؤمنون بالآخرة وليرضوا لأنفسهم هذا الموقف الخاسر، وليترتب على ذلك أن يكتسبوا ما هم مكتسبون من المعاصي والآثام بغرورهم به ورضاهم عنه. إن إغراءات هؤلاء المتمرّدين تؤثر في المضلّلين، وتوهمهم أنهم على شيء، والأمر بخلاف ذلك. أما المؤمنون الواعون الذين ينظرون في عواقب الأمور، فلا ينخدعون بأباطيل الأقوال، ولا تغرنّهم الزخارف. وبه يتبيّن أن الكفار يؤثر بعضهم في بعض، ويحمل بعضهم بعضا على الإثم والعصيان، على عكس أهل الإيمان الذين ينظرون ويتأملون ولا ينجرفون بأضاليل الأقوال وسوء الأفعال.
القرآن برهان النّبوة:
من حقّ الناس أن يطلبوا برهانا على صدق الأنبياء، من غير عناد ولا تعنّت، غير أن البرهان أو الدليل المؤيّد للنّبوة والرسالة، ليس كما يطلب الناس من إنزال برهان حسّي أو علامة مادّية، فإن اللّه تعالى جلّت حكمته يعلم علما تامّا ما يناسب، فينزل من الآيات والمعجزات التي يظهرها على يد نبي أو رسول ما يكون موافقا للحكمة وكافيا في إثبات النّبوة والرّسالة.
والدليل الدّال على صدق نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم حصل من وجهين: الأول- أنه أنزل إليه القرآن الكريم مبيّنا مختلف الشرائع والأحكام بأسلوب بياني معجز وببلاغة وفصاحة عالية تدلّ على إعجازه وكونه من كلام اللّه.
الثاني- اشتمال التوراة والإنجيل في صورتهما الأصلية على الآيات الدّالة على أن محمدا رسول حق، وأن القرآن كتاب اللّه الحق القاطع. قال اللّه تعالى مبيّنا الاكتفاء بالقرآن دليلا:


{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115)} [الأنعام: 6/ 114- 115].
يأمر اللّه نبيّه أن يقول للمشركين: ليس لي أن أطلب قاضيا بيني وبينكم، لأنه لا حكم أعدل من حكم اللّه، ولا أصدق من قوله، فلا فائدة من طلبكم دليلا مادّيا على صدق نبوّتي، فهناك دليلان واضحان يؤيّدان رسالتي، وهما الآية الكبرى وهي القرآن المعجز الدّال بإعجازه على أنه كلام اللّه، واشتمال التوراة والإنجيل على ما يدل على أني رسول اللّه حقّا، وأن القرآن كتاب حقّ من عند اللّه تعالى.
وإن أنكر المشركون أحقّيّة القرآن وكذّبوا به، فإن اليهود والنّصارى أهل الكتاب يعلمون أن القرآن منزل من ربّك بالحق، بما ورد لديهم من البشارات بنبوّة خاتم الأنبياء، كما أبان اللّه تعالى: {الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} [البقرة: 2/ 146].
فلا تكونن يا محمد من المتردّدين الشّاكّين، وهذا تعريض بمن يتردّد أو يشكّ، كما في آية أخرى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ (94)} [يونس: 10/ 94]. فالواقع أن النّبي لم يشكّ وإنما قال: «لا أشكّ ولا أسأل».
وتم كلام اللّه وهو القرآن، فلا يحتاج إلى إضافة شيء فيه، وأصبح كافيا وافيا بإعجازه وشموله، ودلالته على الصدق، فهو صادق فيما يقول، عدل فيما يحكم، صدقا في الإخبار عن الغيب، وعدلا في الطلب، فكل ما أخبر به فهو حق لا مرية فيه ولا شك، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فهو باطل أو شرّ، فإنه لا يأمر إلا بخير، ولا ينهى إلا عن مفسدة وشرّ، كما قال اللّه تعالى عن نبيّه في الكتب السابقة: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} [الأعراف: 7/ 157].
وكل ما ورد في القرآن من أمر ونهي، ووعد ووعيد، وقصص وخبر، لا تغيير فيه، ولا تبديل لكلمات اللّه: وهي كل ما نزّل على عباده، وهو السّميع لأقوال عباده، العليم بحركاتهم وسكناتهم، الذي يجازي كل عامل بعمله.
وقوله تعالى: {لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ} معناه: لا تغيير في معاني الوحي المنزل، بأن يبيّن أحد أن خبره بخلاف ما أخبر به، أو يبيّن أن أمره لا ينفذ. ومن أمثلة ذلك: أن اللّه منع المنافقين من الخروج إلى الجهاد بعد تخلّفهم عن غزوة تبوك، ولم يبح لهم الخروج، فقال المنافقون بعد ذلك للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم وللمؤمنين: {ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ} [الفتح: 48/ 15]، فقال اللّه تعالى لنبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ} [الفتح: 48/ 15]. واستقرّ التشريع على منعهم من الخروج كما قال تعالى: {فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً} [التّوبة: 9/ 83].
المنع من اتّباع ضلالات المشركين ومن أكل ذبائحهم:
لا تلاقي بحال من الأحوال بين شرع اللّه المحكم والأعدل وبين أنظمة الجاهليين المشركين، فإن اللّه تعالى أراد الحق والخير لعباده، وحذّر من كل معالم الضّلال والشّرك، لذا أبان سبحانه الحلال والحرام، ومنع من أكل ذبائح المشركين التي لا يذكر اسم اللّه عليها، فإن تلك الذّبائح فسق أي معصية وخروج عن دائرة الدين، ونهى اللّه جلّ جلاله عن مختلف أنواع الإثم، أي القبيح الذي حرّمه اللّه، في الظاهر والباطن، خلافا لما كان عليه أهل الجاهلية من اقتراف ألوان المحارم والمنكرات، وكل ذلك من أجل إقامة معالم المجتمع الفاضل، وتصفية كل أشكال المجتمع المتخلّف.
قال اللّه تعالى:


{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (117) فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (118) وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ (119) وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (120) وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)} [الأنعام: 6/ 116- 121].
نزلت آية: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} كما قال ابن عباس: أتى ناس النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالوا: يا رسول اللّه، أنأكل ما نقتل، ولا نأكل ما يقتل اللّه؟ فأنزل اللّه هذه الآية: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلى قوله سبحانه: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.
وقوله سبحانه: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} نزل حينما قال المشركون: يا محمد، أخبرنا عن الشّاة إذا ماتت، من قتلها؟ قال: اللّه قتلها، قالوا: فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال، وما قتل الكلب والصقر حلال، وما قتله اللّه حرام؟ فأنزل اللّه تعالى هذه الآية.
والمعنى: فامض يا محمد لما أمرت به، وأنفذ رسالتك وأبلغ دعوتك، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض من الكفار والمشركين في أمور الدين، وتخالف ما أنزل اللّه عليك، يضلّوك عن دين اللّه ومنهجه وسبيله، سبيل الحق والعدل والاستقامة، لأنهم لا يتّبعون إلا الأهواء والظّنون الباطلة أو الكاذبة، ولا يحترمون الموازين الفكرية والأدلّة العقلية، وما هم إلا يحزرون ويخمّنون تخمينا عاريا عن الصحة والحقيقة، كخارص (مخمن) ثمر النّخل والعنب وغيرهما، فاعتقادهم قائم على الحدس والتّخمين، لا على البرهان والدليل.
وإن ربّك عليم بالضّالّين عن سبيله القويم، وعليم أيضا بالمهتدين السالكين سبيل الاستقامة، وليس كما يزعم المشركون.
ثم أمر اللّه تعالى بأكل ما ذكر اسم اللّه عليه، وأن يكون الأكل مقصورا على ذلك، إن كنتم أيها المسلمون مؤمنين بآيات اللّه، والحذر كل الحذر مما ذبح للأصنام والأوثان ولغير اللّه.
وأي شيء لكم في ألا تأكلوا مما ذكر اسم اللّه عليه، وترك الأكل مما ذبح للأصنام، فليس هناك شيء يمنعكم من هذه المآكل، والحال أن اللّه قد بيّن لكم المحرّم عليكم وهي الميتة والدم ولحم الخنزير والمذبوح لغير اللّه كالأصنام والأنبياء والأولياء والزعماء، لكن الذي اضطررتم إلى أكله مما هو محرّم عليكم، فإنه يباح لكم ما وجدتم حال الضرورة. وإن كثيرا من الكفّار ليضلّون الناس بتحريم الحلال، وتحليل الحرام، بأهوائهم وشهواتهم الباطلة، وبغير علم أصلا، إنما هو محض الهوى، واللّه أعلم باعتدائهم وكذبهم وافترائهم، وسيجازيهم على هذا الاعتداء والتجاوز، لا محالة.
ثم أمر اللّه تعالى بترك جميع الآثام والمعاصي المعلنة والسّرية، سواء ما صدر عن الأعضاء كالسّرقة والغصب، أو كان من أفعال القلوب كالحقد والحسد، إن الذين يقترفون المعاصي الظاهرة أو الخفية، سيجازيهم اللّه على عصيانهم إذا ماتوا ولم يتوبوا.
وتأكيدا للأمر بأكل ما ذكر اسم اللّه عليه، نهى اللّه تعالى المؤمنين عن أكل البهيمة التي ماتت ولم يذكر اسم اللّه عليها، والمذبوح لغير اللّه، وهو ما كان المشركون يذبحونه لأصنامهم، وهذا المذبوح فسق ومعصية. وإن شياطين الإنس والجنّ ليوسوسون إلى أعوانهم من المشركين، ليجادلوا المؤمنين، فإن وافقهم أحد من المؤمنين على ضلالهم، فهو مثل المشركين لأنهم عدلوا عن أمر اللّه وشرعه إلى قول غيره، وهذا هو الشّرك، عافانا اللّه من جميع حالاته، وجعل أعمالنا خالصة لوجه اللّه الكريم.
مثل المهتدي والضّالّ:
الناس في عهد النّبوة وفي كل عهد صنفان إما مؤمن مهتد، وإما كافر ضالّ، واللّه يحبّ المؤمنين ويحبّ لهم الخير والسعادة، ويبغض الكافرين وما يؤول إليه أمرهم من دمار وشرّ وخسران مبين، لذا تعددت الآيات القرآنية المرغبة في الإيمان، والمنفّرة من الكفر والضّلال إما من طريق التّشبيه بصورة حسّية مرئية، وإما بتقرير العذاب الشديد في الدنيا والآخرة أو وصف النعيم، وإما بالتهديد والإنذار والتوبيخ أو التبشير والرّضا والظفر بفضل اللّه ورحمته وإحسانه وإنعامه.
من هذه الآيات تشبيه المؤمن بالنّور والكافر بالظلمة، قال اللّه تعالى:

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14